حديث الثعلب

سمع الثعلب بآخرأخبار الاختراعات والرحلات الفضائية والأقمار الاصطناعية. فكتب إلى وكالة الفضاء, راجياً تسجيل اسمه على لائحة الانتظار, للسفر إلى أي كوكب لا تسكنه مخلوقات مثل بني الإنسان. وأرفق رسالة الرجاء برسالة احتجاج كان قد بعثها منذ زمن طويل إلى المعنيين بالعدل على هذا الكوكب، فلم تلق جوابًا، وقد جاء فيه:
أنا الثعلب المسكين، نعتوني بالخبث والاحتيال، ولم يكن هذا سوى شائعات وصيت مدبر، إن كنت أصطاد الدجاج، فلأنه طعامي اليومي أو عندما يعضني الجوع. وقد جاء ذلك في نظام الطبيعة. لنرَ ماذا يصطاد الإنسان! وهل يعلم ماذا يصطاد؟ وهل ترك حيوانًا من شره؟
لقد جاب السهول والوديان راكضًا وراء غزال، وقطع الشواطئ يزعج رقاد كلب بحر أو دب صغير.
إنه يحب فروتي، ولم يتوان يومًا عن صيد بني جنسي. ألحاجة يفعل هذا؟ أم لجوع؟ لا لهذه ولا لذاك، وإنما ليحضر حفلة مع زوجته، وقد لفت فروة ثعلب حول عنقها، فتمسح ذيله بيد، وتمسك رأسه الذليل المتدلي من الجهة الأخرى.
إنه يقطع أجمات وشجيرات تؤلف سياجًا يردّ الرياح، ويحفظ التربة من الانجراف والجفاف.
أما عن صيد الطيور فحدّث ولا حرج؛ إنه يأكلها أحيانًا، لكن كثيرين لا يصطادون ليأكلوا! وهل يدري الإنسان ما تقدمه الطيور من منافع وخدمات؟
فانظروا في أمري، وجدوا لي منفذًا لأهرب من كوكب الأرض إلى أي مكان آخر، واذكروا دائمًا أنني القائل: "كان الإنسان مهددًا من الطبيعة، فبات الآن هو يهدّدها".