الغرور....

الغرور مرض كسائر الأمراض النفسية الفتّاكة . بل هو أشدّها فتكًا وأكثرها تدميرًا، فمركّب النقص الذي يُبتلى به المغرور (يدفعه) إلى (أن يجهل) قدر نفسه فيضعها فوق موضعها حتى يصبح سخرية الساخر وضحكة الهازئ .
ترى المغرور متعاليًا دائمًا فإذا حضر مجلسًا فالمقام الأرفع مقامه وإذا مشى راح (يزهو) ويختال كما يختال الطاووس، وإذا تكلم تدلل وتصنّع، وإذا سكت صعّر خدّه وجعل نظره إلى الأعلى لئلا يتأذى بمنظر الصعاليك الذين يجالسونه!! وهو يحسب نفسه ( أنه الوحيد) الذي لا يطاوله أحد، فما يعجبه إلا عمله، ولا يرضيه إلا فعله ولا يرى على الأرض مكانًا يلائمه.
وهو عنيد لجوج يركب متن الغيّ والضلال فيشتطّ ويفرط، لا يرضخ لنداء الحق ولا يستطيع أن يتصور من يرى رأيًا غير رأيه. فهو يفهم ما لا يدركه الناس، ويعلم ما لا يعلمه أحد، وهو الذي برأه الله من معدن العلم، وصاغه من إكسير الفهم. فمسكين هذا الرجل، إنّه بائس حقًّا، يستحق الشفقة والرثاء أكثر مما يستحق الاحتقار والازدراء، إنه لا يجني سوى عداوة الناس وكراهيتهم فيبقى في حرب شعواء معهم ونزاع دائم وخصام مستمر وشقاق كبير، وإذا وجد صاحبًا يصدّقه فإنما لكي يستغلّ هذا الصاحب جهله ويضحك من غباوته.

علي رضا